Quantcast
Channel: Qantara
Viewing all articles
Browse latest Browse all 21

"الإمارات لا تنتظر اعتراف الغرب بمنجزاتها"

$
0
0
تفخر الإمارات بدعمها الحوار وقدمت نفسها بثقة كراعية للثقافة العربية بمعرض أبو ظبي للكتاب، بما فيه من مؤلفين وناشرين وزوار ولقاءات ونقاشات ولكن بحدود. كلاوديا مينده زارت المعرض لموقع قنطرة. | تنتظر مجموعة من المعجبات المتحمِّسات أمام طاولة مؤلف الكتب الخيالية السعودي أسامة المُسلِم، لأنَّهن يُرِدْنَ الحصول منه على إهداء. لقد أثار أسامة المسلم إعجاب القارئات الإناث خاصةً بثلاثيته "بساتين عربستان"، التي تخوض فيها بطلاته مغامرات في بلد مليء بالسحرة والجن. تحظى الكتابات الخيالية بشعبية كبيرة في العالم العربي، لأنَّها تقدِّم فرصةً صغيرة للهروب إلى عالم لا توجد فيه محرَّمات ومحظورات. يعتبر الترفيه وأسلوب الحياة وتحسين الذات من الموضوعات المهمة أيضًا في معرض أبو ظبي الدولي للكتاب. حيث وفَّرت الموسيقى وعروض نجوم تيكتوك الإماراتيين في استوديو الطبخ وورشات العمل الفنية الخاصة بالأطفال أجواءً مبهجة لبرنامج المعرض الطموح. وقد حلَّت تركيا ضيف شرف على المعرض، الذي عرضت فيه رقصات دراويش صوفية بينما استقبلت فرقة نحاسية إماراتية الزوَّار كلَّ مساء. ولكن معرض أبو ظبي الدولي للكتاب يعد بقراءاته وندواته من أهم الملتقيات الفكرية في المنطقة. وتجري هنا نقاشات حول مستقبل الكتب العربية في العالم الرقمي وزيادة هيمنة اللغة الإنكليزية وكيف سيغيِّر الذكاء الاصطناعي سوق الكتب. ويستطيع هنا المؤلفون الحوار وتبادل الأفكار بشكل مفتوح نسبيًا. وهذا أمر مهم لأنَّ الآفاق المستقبلية قاتمة في المنطقة حاليًا والأمل سلعة نادرة. الربيع العربي ما يزال حيًا في الأدب لقد عادت تونس إلى نظام الحكم الفردي بعدما كانت الدولة النموذجية في الديمقراطية، وباتت الدولة في لبنان على شفا الانهيار، وأصبح نظام الحكم في مصر فرديًا أكثر بكثير من السابق وتم الترحيب بعودة رئيس النظام السوري بشار الأسد إلى جامعة الدول العربية في شهر أيَّار/مايو 2023 بعد غيابه عنها اثني عشر عامًا - وكأنَّ الثورة ضدَّ نظامه الوحشي لم تحدث قط. وبات الأمر يبدو وكأنَّ الستار قد تم إسداله على الربيع العربي.     ولكن مع ذلك فإنَّ الرغبة في حرية التعبير والنقاش المفتوح وتبادل الآراء والأفكار ما تزال حية مثل ذي قبل. يتم التعبير في الأدب عن الألم بسبب الآمال المحبطة، مثلما قالت الكاتبة السورية لينا هويان الحسن في حلقة نقاش مع مؤلفات عربيات في المنفى. ووصفت لينا هويان الحسن -المولودة عام 1975 والتي تعيش اليوم في بيروت- كيف أجبرت على مغادرة سوريا في عام 2012 ونجت بصعوبة من الموت بعدما فقدت شقيقها في الاحتجاجات المعارضة للنظام وكيف تغيَّرت كتاباتها من خلال ذلك. تتمحور رواياتها وقصصها التسع المنشورة حتى الآن حول موضوع الحياة في المنفى بشكل خاص. وقد قالت في هذا الصدد: "أنا أكتب لكي أنسى وأيضًا لأتذكَّر. والأدب بالنسبة لي هو ذكريات - ذكريات مليئة بالقسوة". وفي أبو ظبي يمكن الحديث حول هذه الذكريات وتجارب جيل كامل من المؤلفين والكتَّاب، حيث يلتقي هنا مؤلفون مشهورون دوليًا مثل الكاتبة المصرية السودانية ليلى أبو العلا التي تكتب بالإنكليزية أو نجم الأعمال البوليسية المصري أحمد مراد، وأيضًا كُتَّاب جدد ومترجمون ورسامون وناشرون. وكذلك نشر الروائي الجزائري الشاب سعيد خطيبي كتابات حول بعض ذكرياته المؤلمة. وقد شكَّلَتْ صدمته الحربُ الأهلية الجزائرية (1991-2002) بين الجيش والإسلاميين. وحول هذه الحرب قال إنَّها قد ألقت بظلالها على كلِّ شبابه. تدور أحداث روايته البوليسية التاريخية "نهاية الصحراء"التي صدرت حتى الآن باللغة العربية فقط في فترة احتجاجات عام 1988 الشعبية التي شهدتها جميع ولايات الجزائر بسبب تردِّي الأوضاع المعيشية ونقص المواد الغذائية. ويقول سعيد خطيبي الذي يعيش اليوم في سلوفينيا: "المشكلة لا تكمن في عدم وجود مؤلفين جيِّدين لدينا بل في افتقارنا للحرية الداخلية من أجل الكتابة بصراحة حول الجنس والدين والسياسة. وحتى هناك حيث لا توجد رقابة حكومية، توجد لدينا نحن هذه الرقابة الذاتية في رؤوسنا، وهي موجودة لدينا منذ سنين كثيرة جدًا جدًا".     لقد فاز سعيد خطيبي بجائزة الشيخ زايد للكتاب في فرع المؤلفين الشباب عن روايته المقنعة أدبيًا وإدخاله المبدع لهذا النوع من روايات الجريمة التاريخية إلى عالم الكتاب العربي. جائزة مرموقة عالميًا يتم اختيار جميع الفائزين بجائزة الشيخ زايد للكتاب في عملية معقدة بمشاركة خبراء دوليين. وهذا يضمن وضع الجودة الأدبية للأعمال في المقام الأوَّل. لقد أصبحت من خلال ذلك كلٌّ من جائزة الشيخ زايد التي تبلغ قيمتها الإجمالية مليونًا وتسعمائة ألف دولار أمريكي، والجائزة العالمية للرواية العربية IPAF، المعروفة باسم جائزة البوكر العربية، من الجوائز المرموقة عالميًا بحيث بات يتم تفضيلها على الجوائز الأخرى في المنطقة. وكان أكثر من نصف الأعمال المرشَّحة لجائزة الشيخ زايد لهذا العام 2023 من مؤلفات نساء. تعتبر الجوائز الأدبية ومعرض الكتاب من أهم الوسائل السياسية بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة؛ التي تسعى إلى تقديم نفسها كبلد حوار ثقافي. ومعرض الكتاب "يُعَدُّ كذلك جزءًا من القوة الناعمة لدولة الإمارات العربية المتحدة"، مثلما يقول علي بن تميم، رئيس مركز أبو ظبي للغة العربية الذي يدعم الكتب العربية من خلال برامجه الخاصة بالترجمة ويقوم بتنظيم معرض الكتاب ويعتبر المسؤول عن منح الجوائز: "هدفنا هو الجمع بين الناس والثقافات وتجاوز الخلافات". وترسل الإمارات بثقتها المكتسبة من نجاحها الاقتصادي رسالة واضحة إلى المراكز الثقافية القديمة في القاهرة وبيروت ودمشق وبغداد، والتي باتت في حالة انهيار: "نحن المستقبل ومستقبل الثقافة العربية أيضًا". يواجه المؤلفون الذين يكتبون باللغة العربية صعوبة في نشر أعمالهم على مستوى دولي بسبب الضعف المزمن في هياكل التوزيع لدى دور النشر. وتزداد صعوبة توزيع الكتب بسبب المشاكل الجمركية والحدود السياسية. ويضاف إلى ذلك أنَّ محلات بيع الكتب والمكتبات قليلة؛ والناس لا يقرؤون كثيرًا وفي العديد من البلدان لا توجد لديهم قوة شرائية لشراء الكتب التي تُعدُّ من السلع الفاخرة. وكذلك تجعل النسخ المقرصنة الحياة صعبة بالنسبة لدور النشر والناشرين العرب. وحول ذلك يقول علي بن تميم: "نحن نريد تقدير الأدب العربي ودعمه. ومن المهم جدًا بالنسبة لنا تعزيز الاهتمام باللغة العربية". ويضيف أنَّ فن سرد القصص هو "جزء من الحمض النووي العربي"وهو فن متنوِّع جدًا: "يجب علينا أن نتعلم من تقاليدنا الخاصة وأن نستمع للأصوات الكثيرة في الأدب العربي والأوروبي أيضا". ولكن السياسة الثقافية في دولة الإمارات العربية المتحدة ترسل أيضًا رسالة داخلية إلى مجتمعها الذي يشكِّل فيه المهاجرون نسبة ثمانين في المائة وينحدرون من أكثر من عشرين دولة. وهذه السياسة واضحة وتشير إلى أنَّ الإماراتيين يريدون التنوُّع ويدعمونه ولا يهملون في الوقت نفسه تراثهم الخاص. وهذا أمر مهم في بلد تطوَّر بسرعة خلال جيل واحد فقط من صحراء قاحلة إلى واحدة من أكثر دول العالم حداثة، ويحتاج أيضًا إلى سردية -من أجل مستقبله- قادرة على جمع كلِّ ذلك. لقد عبَّرت المؤلفة والكاتبة الصحفية الإماراتية المؤثرة دبي أبو الهول، التي تُعدُّ عضوة في برلمان الشباب الإماراتي، عن هذه الثقة بالنفس في كلمات خلال نقاش دار حول "مستقبل الإمارات العربية المتحدة". وقالت: "لقد تحدَّث العالم لفترة طويلة بما فيه الكفاية عن الشرق الأوسط. ولكن يوجد الآن جيل جديد لديه أجندته الخاصة. نحن نريد أخيرًا أن نتحدَّث عن أنفسنا". نحن المستقبل أسَّست الكاتبة دبي أبو الهول معهد الفكر في إمارة دبي، وهو مركز فكري يعزِّز التبادل الثقافي عبر الحدود ويُقدِّم مواقف ما بعد استعمارية. وتقول إنَّها لا تتوقَّع من الغرب اعترافًا بما تم تحقيقه في الإمارات: "نحن لا نبحث عن هذا الاعتراف من الغرب بما بنيناه، أي مجتمعنا الحديث الذي يحصل فيه الجميع على فرصة". ولكن المشكلة الواضحة لم تُذكر في هذه الندوة أيضًا: فالحكم المنفرد بالسلطة في دولة الإمارات العربية المتحدة وكذلك في جميع أنحاء العالم العربي يتردَّد صداه دائمًا في الخلفية، ولكن من الممكن التلميح له في معرض أبو ظبي الدولي للكتاب بشكل غامض. وينطبق هذا الشيء نفسه أيضًا على الدور المدمِّر الذي تلعبه الإمارات في الصراعات الإقليمية، مثلًا في اليمن وحاليًا في السودان. بعد أن أدَّت جميع الجهود المبذولة من أجل إرساء الديمقراطية في المنطقة إلى ردة فعل عنيفة جدًا وأصبح الوضع في أماكن كثيرة أسوأ مما كان عليه قبل الربيع العربي، "يجب أن تكون الأولوية الآن لِلَّبْرَلة وليس للدَّقْرَطة [الدمقرطة]: للتحرُّر الانفتاحي وليس للتحوُّل الديمقراطي"، مثلما طالب كاتب الكتب الموضوعية البريطاني إد حسين.       وأضاف أنَّه يأمل أن يأتي هذا التحرر الانفتاحي أوَّلًا وقبل كلِّ شيء من دول الخليج - وقد أشار بذلك أيضًا إلى المملكة العربية السعودية المجاورة للإمارات، حيث يعمل ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان على قلب البلاد رأسًا على عقب. والناشرون متحمِّسون جدًا لمعرض الكتاب القادم في الرياض. وقد تم التكهُّن كثيرًا حول مستوى الانفتاح المتوقَّع هناك. ومع ذلك فإنَّ التحرر الانفتاحي أيضًا يحمل الكثير من المواد القابلة للانفجار. وفي هذا الصدد قال شابان إماراتيان عند ركن للكتب: "نحن بحاجة إلى الحرية حتى نتمكَّن من مناقشة الأمور الدينية، وإِلَّا فإنَّنا لن نتمكَّن من الاستمرار في تطوير أنفسنا". ففي النهاية من الصعب -بحسب تعبيرهما- الحكم على ما هو صحيح وما هو غير صحيح في الإسلام. وأضافا أنَّهما في بيئتهما وحيدان إلى حدّ كبير بآرائهما هذه، ولذلك كانا سعيدين للغاية بالأفكار والمقترحات المطروحة في معرض الكتاب. وكانا مهتمين بالكتب النقدية الموضوعية حول الإسلام وقد دخلا في مناقشات حية مع الآخرين في ركن الكتب. وسواء تعلق الأمر بإصلاح الإسلام أو بكتب حول الهولوكوست أو بأعمال تنتقد الدين فإنَّ: الحوار الثقافي يمثِّل عمليةً ذات نهاية مفتوحة أيضًا.     كلاوديا مينده ترجمة: رائد الباش حقوق النشر: موقع قنطرة 2023 ar.Qantara.de    

Viewing all articles
Browse latest Browse all 21

Latest Images

Trending Articles





Latest Images

<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596347.js" async> </script>
<script src="https://jsc.adskeeper.com/r/s/rssing.com.1596344.js" async> </script>